قبل أن يخلق الله تعالى آدم عليه السلام ، كان هناك خلق قبله من فصيلة الجن أو الجان خلقهم الله تعالى في الأرض فعمروها و كانوا يفسدون في الأرض فسادا و يعتون عتوا كبيرا.
ف قرر الله تعالى بأن يخلف في الأرض خليفة تخلفهم و هو آدم عليه السلام و ذريته إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
حكمة الله بأمره للملائكة للسجود لآدم عليه السلام
يقول الله تبارك و تعالى :
۞ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) ۞
و كثير هي من الآيات بأمر الله تعالى لملائكته للسجود لآدم عليه السلام 👈 فسجدوا كلهم إلا إبليس أبى و امتنع.
لماذا امتنع إبليس من السجود لآدم عليه السلام
لأنه استكبر من الكبر كما ورد في كلام الله ، و كان من الكافرين ، كان فعل ماض ، إبليس كان في قديم الأزل و في أقدار الله في كتابه ، أن إبليس مكتوب من الكافرين ، الكافرين بالجمع ، يعني كانوا من الكافرين.
لماذا سمي إبليس
إبليس الذي أُبلس من رحمة الله أي طُرد و أُخرج من رحمة الله ، و كثير من الكافرين ، هنا لتعلم أنه في أقدار اللطيف الخبير، كفرة بالله من أزواج من المخلوقات و منهم الإنس خصوصا و الجن ، الذين هم موضوع الوجود بما وُجد فيه.
و لتعلموا مُسبقا أن الإنس و الجن كانوا في حتمية الاَقدار من الذين يجتازون صراط الحياة الدنيا أو الأولى ، لكشف سر إيمانهم و كفرهم بالله العلي القدير، و هو موضوعنا و فيه قد لمحنا نبذة من سر هذا الشيطان و الإنس و الجن و الملائكة و سائر المخلوقات لماذا يتبارون مباراة الدنيا للآخرة.
فهل تعلموا إذن أن الله خلق في كونه مخلوقات جنية من الجن أو الجان و هي من النار، قبل ما يخلق آدم عليه السلام ، هؤلاء المخلوقات جعلهم الله في الأرض ، فعثوا في الأرض فسادا و سفكوا الدماء و كانوا من المفسدين.
و كانت الملائكة في السماء يعبدون الله يسبحون له بالليل و النهار و لا يفترون ، و منهم إبليس كان معهم في أرقى و أسمى منزلة عند الله.
- الملائكة خلقت من نور
- إبليس خلق من النار
الملائكة مسومون مطهرون أصفاهم الله و اختارهم لجنابه و جلاله العظيم بالتسبيح و التعظيم و التبجيل.
فلما أحس الله من فساد الجن في الأرض ، فأرسل عليهم إبليس فأبادهم إبادة عن آخرهم ، لذلك جعل الله لك مكانة سامية عنده في السماء.
إذن لذلك افتخم و استكبر في نفسه و تغاشت عليه سحائب الكبر و العُجب بنفسه و تكبره على الله العظيم.
فظن المسكين أن الله لا يعلم إلا ما يُرى من الأعمال ، لحد ذلك الوقت لم يكن يعلم لا إبليس و لا الملائكة ، أن الله يعلم السرائر و ما توسوس به الأنفس.
إذن ليكشف الله سر إبليس و ما يُخبئه و يُبطنه في نفسه من الكبر و الكفر كما سبق ذكره أنه من الكافرين.
فخلق الله آدم عليه السلام ، و ليستخلفه في الأرض بعدما انتهت قصة الجن أو البن كما يسمونهم.
و ذلك قول الله تعالى:
۞ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۞
خليفة يخلفون من كانوا قبلهم في الأرض.
فقالت الملائكة كما قال الله تعالى :
۞ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ۞
يعني كما كان الجن قبلهم يفسدون في الأرض و يسفكون بينهم الدماء.
۞ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۞
يعني إذا كنت ستخلق من يسبحك و يعبدك ، فها نحن نسبحك و نقدسك و نعظمك.
ف رد الله تعالى عليهم
قال الله تعالى :
۞ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ۞
سبحان الله ، يعني واضح أن الله لا معقب لحكمه و هو أدرى و أعلى و أعلم و هو العليم الحكيم.
إلى أن قال الله تعالى :
۞ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) ۞
هنا يتبين و كأنهم كانوا لا يعلمون أن الله يعلم ما يبدون أي ما يظهر من القول و الفعل ، و يعلم حتى سرهم و ما يكتمون.
إذن و ما كان يكتم إبليس من الكفر و الكبر على الله ، فلذلك يأتي مباشرة بعد الآيات ، آية السجود.
و ذلك قول الله تعالى :
۞ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) ۞
يعني و أخيرا و الله أعلى و أعلم ، أن الله ما أمر الملائكة و إبليس بالسجود لآدم ، إلا ليكشف كبر و كفر إبليس أمام نفسه و الملائكة ، يعني ما كان يسره في نفسه من الكبر كُشف سره و عرى على سريرته.
فبكل بساطة ، انظر لحكمة الله و هو العليم الحكيم كما ورد في آية الملائكة أنهم اعترفوا بحكمة الله و علمه ، أن الله تعالى كشف له كبره علانية ، و كان بإمكانه كشف كبره من غير هذا الأمر، لكن حكمة الله بالغة.
فأبى و استكبر و كان من الكافرين ، فطرده الله من رحمته و أُبلس أي خرج مذموما مدحورا ، لذلك سمي إبليس ، و أنزله الله تعالى إلى الأرض هو و آدم ، بعد ما زين له في الجنة و أغواه و قال الله لهما اهبطا منها جميعا.
كما قال الله تعالى :
۞ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ۞
و إن شاء الله تعالى، نبسط لكم حكمة الله بإغراء إبليس لآدم حتى ينزلا الى الأرض و يجعل إبليس شيطانا لآدم و ذريته ، من الشيطنة و هي الإغواء و الإغراء و التزيين.
و حكمة الله عامة بجعل لا إبليس و لا الجن و الإنس كانوا من الذين حتم عليهم القدر باجتيازهم لأعظم مباراة في الدنيا و نيل جزائهم في الآخرة ، فمنهم مومن و منهم كافر، كما سلف الذكر.
۞ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ۞
أي معلوم أن هناك مومن بالله و كافر من الجن و الإنس و الشياطين.
خاتمـة
و هذا ببساطة ، لغز هذا العالم و الوجود الذي أوجده الله و كتبه في لوح محفوظ قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة.
أقول قولي هذا، و أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، فاجتهدت ، فما كان مني من صواب فمن الله تعالى ، و ما أخطأت و زللت فمني و من الشيطان ، و الرحمان من براء ، و الله المستعــــان ، و صلى الله و سلم و بارك على محمد سيد الأولين و الآخرين.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته👋👍