إن شاء الله تعالى في هذا المقال نقدم لكم المفهوم الحقيقي للمرض النفسي من وسواس قهري و اكتئاب و اكتئاب حاد و غير ذلك من أنواع و حالات المرض النفسي.
و دور الأدوية النفسية في العلاج و التشافي و المعافاة بفضل الله و معرفته و لزوم ذكره و العلم علم اليقين بأن الله تعالى هو رب الداء رب المرض النفسي و رب الدواء لا إله غيره و لا رب سواه.
المرض النفسي و كيفة العلاج منه بالأدوية و فضل السلوك المعرفي الرباني
فهل تعلم أخي المسلم أختي المسلمة، أن المرض النفسي فهو في حد ذاته مرض عضوي تماما، يتعلق ب خلل كيميائي في تركيبة الدماغ الذي هو منبع الأفكار و العقل.
ببساطة إذن فإنه يحتاج لأدوية تسد الخلل و تجبر الكسر الذي أصاب المريض و تُرجع له حالته الصحية النفسية لوضعيتها العادية المستقرة بإذن الله تعالى.
(1) المرض النفسي و أدويته النفسية
فهو مرض في حد ذاته مرض عضوي، و يكمن هذا المرض في خلل في كيمياء الدماغ و تدهور الخلايا الحسية العصبية ، و ذلك راجع لعدة أسباب منها على العموم تعرض الشخص لصدمات و أزمات نفسية من قريب أو من بعيد.
إذن كما أشرت و أكدت فإنه مرض عضوي، فيحتاج إذن لأدوية مادية تسمى الأدوية النفسية.
فو الله فإن لها أثر إيجابي كبير و دور فعال في تحسين المزاج و استرجاع الحالة النفسية الطبيعية ، تكون في الأول مستقر نفسيا و تمرض فتضطرب و تتوتر نفسيا.
و بفضل الله و دوائه تستعيد استقرارك النفسي، فلا تظن أبدا أن الدواء لا ينفع لأنه ليس له علاقة بالأفكار و الوساوس و الأزمات، فهذا هو المشكل و المعضلة العويصة التي للأسف هي الدافع و العامل الكبير في التدهور الكبير الذي يصيب جل الناس و تقليل أو عدم عنايتهم و اهتمامهم بالدواء.
فهناك من لا يسأل عنه بتاتا و هناك من يستعمله أحيانا و يهمله كثيرا، من يذهب عند الطبيب الفلاني و لا يقتنع به لأنه مُلِح على الشفاء و مستعجل به، إذن و يظن أن ذلك الطبيب أو الدواء ليس له مفعول، و يجرب تارة أخرى طبيب آخر و أدوية أخرى، و خلط الأدوية النفسية لا ينصح به، و هو الذي يسبب لك أزمة بعد أزمة و أنت في حيرة من أمرك.
فمن البديهي و الطبيعي إذن أنك لا تتحسن و هذا الذي يزيدك سوء بعد سوء و التشكك و إلى ما ذلك و تظل أيام و شهور و أعوام تشكي و تبكي.
فبدون إطالة عليكم أحبائي، فأوصيكم و أنصحكم بالأدوية النفسية فإنها أدوية أنزلت من عند الله، و الله تعالى هو من جعل تلك الأدوية لنتشافى بها.
دليل من حديث رسول الله ﷺ
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: « إن الله لم ينزل داء -أو لم يخلق داء- إلا أنزل -أو خلق- له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام » قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: «الموت» .
تحليل و تفسير الحديث بالعقل
ما أنزل الله من داء، يعني أي داء كيف ما كان نوعه من مرض عضوي أو مرض نفسي، فهو داء و سيجعل الله له دواء، و لأن الله تعالى هو رب الداء و هو رب الدواء رب الشفاء.
علمه من علمه يعني علمه الذي تيقن بأن الله تعالى سيجعل الله لكل داء دواء بالتأكيد، و هو على كل شيء قدير.
و جهله من جهله يعني سيجهله الذين ليس لهم دراية و علم و معرفة بالله العظيم الذي هو الشافي و المعافي و هو رب الأمراض و الأسقام و الأوجاع من نفسية و عضوية، هو الكفيل بها و مولالها و مولى كل شيء.
إلا السام يعني إلا الموت الذي لم يجعل الله له دواء، و هو أمر بديهي لأن الله تعالى كتب الموت على كل نفس، و هذا إن دل فإنما يدل على أن مرضك النفسي يعلمه الله و خلق له دواء بكل تأكيد يجب عليك علمه و التيقن منه.
فلا تتردد أخي أختي في الله، بأن الأمراض النفسية فهي بإذن الله تعالى و هي من مكفرات الذنوب الكبيرة و العظيمة، حتى تلقى الله تعالى و أنت مغسول طاهر نقي من كل الخطايا إذا احتسبت و رجعت لله و تيقنت به و صبرت.
إذن تأمل أي داء كيف ما يكون فهو بإذن الله و ليس بإذن البشر، و الداء النفسي فهو بلاء و ابتلاء و قضاء و كفارة للذنوب.
خاتمة العلاج بالأدوية
فاعلم أخي و أختي في الله بأن الدواء فهو معالج بإذن الله و لا تتردد فيه أبدا، و ستظهر نتائجه بعد أسابيع إلى شهور و الشعور في التحسن شيئا فشيئا.
يعني ستبدأ النتائج الأولى في تحقيق المفعول بعد شهر تقريبا، و هذا لئلا تجزع و تيأس و تراودك الشكوك و الحيرة في الأمر و تظن أنه ليس هناك علاج و تترك الدواء.
اصبر و صابر نفسك و سترى النتيجة أكيد بعد الثقة في الدواء و الله تعالى ربها، و الذي يعتبر عاملا نفسيا في حد ذاته و يزيدك اطمئنانا و عافية بإذن الله تعالى.
و هذه التجارب أقصها عليكم شخصيا بعد معاناتي مع المرض، مرض الاكتئاب الحاد و الوسواس القهري المرعب، فقد تابعت الأدوية و ثقت فيها بفضل الله و أعطت أكلها حمدا لله و الشكر له.
(2) المرض النفسي و العلاج السلوكي المعرفي الرباني
فبعد ما قدمنا لكم برنامج التشافي بالأدوية المادية النفسية للمرض النفسي، فإن شاء الله تعالى سنقدم لكم كذلك برنامج التشافي السلوكي المعرفي الرباني و هو على العموم التماس العافية و الشفاء من الطبيب الحبيب رب الأطباء و البلاء و الابتلاء و الداء و الدواء.
ما هو العلاج المعرفي السلوكي الرباني
إخواني الكرام فقد بينا لكم بأن الله هو رب الداء و الدواء، هو الذي يبتلي عباده بكل الأمراض بجميع أنواعها أمراضا عضوية و نفسية و روحانية و غيرها، مصداقا لقوله تعالى:
۞ وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۞ سورة يونس (107).
۞ وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ۞ سورة الأنعام (18)
فهاتين الآيتين التي تدل و تبسط مفهوم و مدلول الأمراض و الأسقام و الأوجاع، فالمرض إذن هو مَسٌُّ من الله تعالى وحده و ليس من غيره.
يعني لما يكتب الله عليك فيمسك بالمرض يعني يصيبك به و هو وحده القادر على كشفه يعني شفائك (لا كاشف له إلا هو)، إلا هي أداة استثناء قطعية أنه إذا لم يأذن الله بشفائك و كشف الضر و المرض عنك فلا شفاء لك و لا عافية، و إن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير.
يدل إذن دلالة قطعية و معرفة محضة بأن الله تعالى هو رب المرض أكيد و ذلك بعد تأمل في حق الله صاحب الملك، و هو من بيده الشفاء و العافية تماما بقدرته لا محالة في ذلك.
و هو على كل شيء قدير، تأمل أخي الحبيب في هذه الآية في قدرة الله الذي بيده المرض و كشف المرض، بالخصوص الأمراض النفسية المتعلقة بالأفكار و الوساوس القهرية و الأزمات النفسية التي تظن أنه ليس هناك مخرج منها و ليس لها حل و هذا الظن أصلا هو عين البلاء.
فأبشر أخي أختي بأن ربك على كل شيء قدير و هو من ابتلاك و مسّك و هو من يكشف عنك السوء و يُذهب عنك الحزن، إنه ولي ذلك و القادر عليه.
فبدون إطالة أحبتي في الله، فلحد الآن وضحنا لكم بأن الله تعالى هو الطبيب و الحبيب و المقصود، و إن لم يشفيك الله فلا شافي لك من بعده.
جرعات التشافي بذكر الله عز و جل
إذن بعد ما قدمنا لكم في النشرة السابقة أنه ضروري التشافي بالدواء، فالدواء و لو أنه فقط يُسَكّن الآلام و يُحسّن المزاج، فبتقربك لله في فترة التشافي يزيدك تحسنا و تعزيزا للتشافي المادي.
الدواء يُحسّن مزاجك مع الأيام، و توسلك و تقربك لله مع فترة العلاج، يمنع رجوع الحالة للأصل أو أكثر عند انتهاء فترة العلاج المحددة ، فتَسعد ما بين فترة العلاج و يأتي الفرج ما بعد العلاج.
أظن أن الأمور واضحة، فتعالوا لكيفية أخذ الجرعات الروحانية الربانية تسعد بها في كلتا الدارين:
1) المواظبة و الحفاظ على الصلوات في المسجد.
2) الإكثار من ذكر الله، و أنت في طريقك للمسجد و أثناء انتظارك للصلاة، اذكر على قدر ما تستطيع :
- أستغفر الله العظيم و أتوب إليه
- لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
- اللهم صل و سلم على محمد و على آل محمد
- سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير.
3) قراءة القرآن يوميا ( حزب يوميا على الأقل ).
4) قراءة سورة البقرة كل 3 أيام و إذا تستطيع قرائتها يوميا لمدة معينة فإنها أعظم مما تتوقع في جلب الطمأنينة التامة و طرد جميع الشرور من مس و سحر و حسد و عين و جلب الرزق و البركة و القناعة و السعادة المفعمة.
5) أذكار الصباح و أذكار المساء و إن لم تستطيع ردد هذا الذكر و واظب عليه صباحا و مساءا:
❉ اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن و العجز و الكسل و الجبن و البخل و غلبة الدين و قهر الرجال ❉.
6) تقوى الله تعالى بقلبك و قالبك.
7) قيام الليل إن استطعت و لو بركعتين، فإنه باب السعادة و النشاط و الحيوية و العزة و الشهامة و النصر و الاستقامة و الهداية.
8) كثرة الدعاء و التوسل إلى الله تعالى، تدعوه دوما في صلاتك و حركاتك و سكونك:
❉ اللهم اشفني و عافني ، اللهم أذهب عني الحزن و اكشف همومي و غمومي، اللهم اشفني شفاءا لا يغادر سقما، اللهم اشف مرضي، اللهم أذهب عني الوساوس و نحيها للأبد، اللهم إني أعوذ بك من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ❉
و إلى ماذلك من الأدعية، بإحضار قلبك و الخشوع في الدعاء و النية.
9) العمل الصالح.
10) الخشوع و الخضوع في الذكر و الدعاء و إحضارالقلب.
👋فوالله الذي لا إله إلا هو، فإنه شفاء و عافية لا محالة و فرح و سرور و شفاء لما في الصدور و حبور في الدنيا و الآخرة ✅.
و يمكنك الاطلاع على مقالة مفاهيم حول المرض النفسي✋👇
مفهوم المرض النفسي أسبابه و أنواعه
خاتمـة
فقد وضحنا لكم أحبائنا في الله تعالى، برنامجين جد مهمين و مكملين بعضهما للآخر، من أخذ الأسباب بتناول الأدوية التي جعلها الله للتداوي بها و هو ربها لا أحد سواه، و التماس الشفاء من لدن خالقك الذي ابتلاك و يعلم و يحسك بك أكثر من نفسك.
وفقنا الله و إياكم و شافانا و عافانا و إياكم من كل داء يؤذينا و من كل حزن يألّم قلوبنا و من قهر وساوس تعكر مزاجنا و من اكتئاب يرهقنا و يثبط رغباتنا، آمين و الحمد لله رب العالمين .
و الحمد لله و الصلاة و السلام على من بعثه الله رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه أزكى و أفضل الصلوات و التسليم.
👋يمكنك مشاهدة هذا الفيديو حتى الآخر👈 يطمئن بالك بفضل الله تعالى👇
خبير نفساني و معالج_ربــــاني
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته👋👍